خالي العزيز نابليون

EGP200

“في أحد أيام الصيف الحارة وبالتحديد في 13 من شهر مرداد، وفي نحو الثالثة إلا ربع وقعت في الحب، ما تجرعته من عذاب ومرارة لا يمكن وصفهما أبداً جعلاني في حالة انتهاك، لو كان اليوم هو الـ 12 أو الـ 14 من شهر مرداد لما حدث ما حدث. في ذلك اليوم، كما في بقية الأيام، أرسلوني وأختي إلى القبو لننام، بالوعيد تارة، وبالوعود تارة أخرى. فمع ارتفاع الحرارة في مدينة طهران تصبح قيلولة الظهيرة أمراً إجبارياً للأطفال، ولكن في ذلك اليوم، كما هي الحال في كل يوم، كنا ننتظر أن ينام أبي لنخرج إلى البستان، وعندما تناهى إليّ شخير أبي أبعدت الملاءة عن رأسي وألقيت نظرة على ساعة الحائط، الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، المسكينة أختي نامت وهي تنتظر أبي أن يغفو، فكان عليّ الزحف تاركاً إياها وحيدة. مرت نصف ساعة و “ليلى” ابنة خالي وأخيها الصغير ينتظراننا في البستان، ولم يكن هناك جدار يفصل بين منزلينا الواقعين في البستان الكبير. ومثلما كنا نفعل كل يوم ظهراً، انشغلنا باللعب والحديث تحت ظلال شجرة الجوز الكبيرة، وفجأة التقت عيناي بعيني “ليلى”، حدقت فيهما، ولم أستطع إبعاد نظري عنهما. لا أدري كم من الوقت مرّ ونحن نتبادل النظرات، حيت باغتتنا أمي وهي تحمل عصاً بيدها مهددة إيانا. هربت “ليلى” وأخوها إلى بيتهما، وأعادتني أمي متوعدة إلى القبو. وقبل أن أغطي رأسي بالملاءة وقع نظريي على ساعة الحائظ، الساعة الثانية وخمسون دقيقة بعد الظهر. ولم تكد أمي تضع رأسها على الوسادة حتى قالت الحمدلله خالك نائم، وإلا لقطعكم إرباً. الحق مع أمي، فهو حريص على تنفيذ أوامره بالحرف الواحد، فقد أصدر أمراً بأن الأطفال لا يمكنهم حتى التنفس قبل الساعة الخامسة عصراً. لم نكن نحن الأطفال وحدنا المحرومون من طعم اللعب في البستان، بل حتى الغربان والعصافير حُرمت من نعمة اللعب ظهراً إذ قام خالي مراراً بارتكاب مجازر جماعية ضدها ببندقية، والباعة المتجولون أيضاً لا يقتربون من زقاقنا المسمى باسمه حتى الساعة الخامسة لأن باعة البطيخ والبصل المتجولين أخذوا حصتهم من صفعات خال العزيز. ولكني منشغل اليوم بأمر آخر، فلم يعد اسم خالي ومعاركه تهمني، لم أقدر على الهروب من عيني “ليلى” ونظراتها، فأينما التفتّ أو انقلبت كنت أراهما أكثر بريقاً.. لا أدري كم مرّ من الوقت…

التصنيفات: , ,

معلومات إضافية

المؤلف

دار النشر

سنة النشر

غلاف الكتاب

غلاف ورقي

تقييم المستخدمين

لا توجد مراجعات بعد.


كن أول من يقيم “خالي العزيز نابليون”